يُشكّل الذكاء الاصطناعي اليوم قوة دافعة لإعادة تشكيل مشهد التسويق الرقمي في دولة الإمارات العربية المتحدة. من الإعلانات التي تستهدف المستهلك بدقة متناهية إلى روبوتات الدردشة الذكية، باتت الاستراتيجيات التسويقية أكثر ذكاءً وفاعلية من أي وقت مضى.
يتجه المسوّقون في دولة الإمارات نحو التخصيص الفائق لتقديم تجارب أكثر دقة وملاءمة لاحتياجات العملاء، اعتمادًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، حيث أصبحت الشركات اليوم قادرة على التنبؤ بسلوك المستهلك بدقة تصل إلى 94%، وأتمتة حملاتها البريدية لتحقيق معدلات فتح أعلى بنسبة 67%، فضلاً عن تحسين تجارب المستخدم على مواقعها الإلكترونية بما يساهم في زيادة التحويلات بنسبة 156%.
هذه القدرة على الاستهداف الدقيق تُمكّن الشركات من إقامة تواصل أكثر عمقاً مع قاعدة عملائها، حيث لم تعد روبوتات الدردشة والمساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مجرد رؤية مستقبلية. وأسهم إطلاق أحد البنوك الكبرى في دولة الإمارات روبوتاً يتولى التعامل مع استفسارات العملاء حول أرصدة الحسابات ومعلومات القروض في خفض ضغط العمل على مراكز الاتصال بنسبة 30% وتحسين أوقات الاستجابة بنسبة 75%. وتمثل هذه الروبوتات دعماً فورياً على مدار الساعة، مع تطور قدرتها على فهم اللهجات العربية المحلية، ما يعزز من فاعلية التواصل.
على مستوى المحتوى، شكّلت أدوات الذكاء الاصطناعي تحولاً كبيراً إذ تعتمد عليها 50% من الشركات في دولة الإمارات لتحسين المحتوى، وتستخدمها نسبة مشابهة في إنتاجه، بينما يستفيد منها أكثر من 40% من الشركات في تحليل البيانات واستخلاص الرؤى والأفكار.
يمكّن هذا الاستخدام الفعّال العلامات التجارية من إنتاج حملات بريدية ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وأوصاف للمنتجات تحقق صدى واسعاً، دون استنزاف الوقت والجهد. وكمثال على ذلك، شهدت إحدى العلامات التجارية للأزياء زيادة ملحوظة في معدلات الزيارات القائمة على محركات البحث بفضل الأوصاف التي أنتجها الذكاء الاصطناعي.
من جانب آخر، يُعزز الذكاء الاصطناعي كلاً من وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية في دولة الإمارات، خصوصاً عبر مقاطع الفيديو القصيرة “ريلز”. وتُشير الإحصائيات إلى أن صيغ الفيديو القصيرة عبر “تيك توك” تُشكل الآن 72% من إجمالي مشاهدات الإعلانات، في حين تزيد المنشورات ثنائية اللغة (العربية والإنجليزية) من التفاعل بمعدل 2.7 مرة. ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً لترجمة المنشورات تلقائياً مع الحفاظ على خصوصية اللهجة المحلية.
يحظى التحول من تحسين نتائج محركات البحث (SEO) إلى تحسين محركات الإجابة (AEO) بزخم متزايد على مستوى العالم، وهو أمر ذو أهمية خاصة للعلامات التجارية في الإمارات. فمع تزايد لجوء المستخدمين إلى واجهات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل “ChatGPT” للحصول على إجابات مباشرة، أصبح تحسين المحتوى بما يتناسب مع طريقة عمل هذه الأنظمة أمراً حيوياً.
أهمية ذلك للشركات في الإمارات
يتوقع المهنيون والمستخدمون في مجال التسويق الرقمي بدولة الإمارات نتائج فورية ومحتوى يتناسب بدقة مع اهتماماتهم. ويساعد الذكاء الاصطناعي في تلبية هذه التوقعات عبر تقديم خدمات تتجاوز الحدود، تشمل رسائل مخصصة، دعماً فورياً، ومحتوى متناغماً ثقافياً، مع الحفاظ على التكاليف. من روبوتات الدردشة التي تستخدم اللهجات المحلية إلى اقتراحات المنتجات المخصصة، يجعل الذكاء الاصطناعي التسويق الرقمي أكثر إنسانية وفعالية في آنٍ واحد.